ابن محافظة الشرقية
سليمان محمد عبد الحميد خاطر أحد عناصر قوات الأمن المركزي المصري
سليمان محمد عبد الحميد خاطر أحد عناصر قوات الأمن المركزي المصري .. شاب مصري بسيط كان يؤدي مدة تجنيده على الحدود المصرية مع إسرائيل عندما قتل سبعة إسرائيليين في الخامس من أكتوبر عام 1985.
سليمان خاطر من مواليد قرية أكياد في محافظة الشرقية، وهو أصغر خمسة أبناء في أسرة بسيطة أنجبت ولدين وبنتين قبل سليمان.
التحق سليمان مثل غيره بالخدمة العسكرية الإجبارية، وكان مجنداً في وزارة الداخلية بقوات الأمن المركزي.
والقصة كما نشرت في جريدة الوفد المصرية أنه وفي يوم 5 أكتوبر عام 1985 وأثناء قيام سليمان خاطر بنوبة حراسته المعتادة بمنطقة رأس برقة بجنوب سيناء فوجئ بمجموعة من السياح الإسرائيليين يحاولون تسلق الهضبة التي تقع عليها نقطة حراسته فحاول منعهم وأخبرهم بالانجليزية أن هذه المنطقة ممنوع العبور فيها قائلا: "stop no passing" إلا انهم لم يلتزموا بالتعليمات وواصلوا سيرهم بجوار نقطة الحراسة التي توجد بها أجهزة وأسلحة خاصة غير مسموح لأحد الاطلاع عليها فما كان منه إلا أن أطلق عليهم الرصاص خاصة أن الشمس كانت قد غربت وأصبح من الصعب عليه تحديد لماذا صعد هؤلاء الأجانب وعددهم 12 شخصاً إلى الهضبة.
سليمان خاطر
وقد نفذ سليمان الأوامر التى كانت أعطيت له بأن يطلق النار في الهواء أولاً للعمل على منع أي شخص من دخول المنطقة المحظورة ولو بإطلاق النار عليهم إلا أنه تمت محاكمته عسكرياً لأن القتلى كانوا إسرائيليين بالطبع.
وخلال التحقيقات معه أكد سليمان بأن أولئك الإسرائيليين تسللوا إلى داخل الحدود المصرية، و أنهم رفضوا الإستجابة للتحذيرات بإطلاق النار.
سلم سليمان خاطر نفسه بعد الحادث، وبدلاً من أن يصدر قرار بمكافئته على قيامه بعمله، صدر قرار جمهوري بموجب قانون الطوارئ بتحويل الشاب إلى محاكمة عسكرية، بدلاًَ من أن يخضع على أكثر تقدير لمحاكمة مدنية كما هو الحال مع رجال الشرطة بنص الدستور وطعن محامي سليمان في القرار الجمهوري وطلب محاكمته أمام قاضيه الطبيعي، وتم رفض الطعن.
وصفته الصحف "القومية" بالمجنون، وقادت صحف المعارضة حملة من أجل تحويله إلى محكمة الجنايات بدلاً من المحكمة العسكرية، وأقيمت مؤتمرات وندوات وقدمت بيانات والتماسات إلى رئيس الجمهورية ولكن لم يتم الاستجابة لها.
وجاء في التقرير النفسي الذي صدر بعد فحص سليمان بعد الحادث أن سليمان مختل نوعاً ما و أن السبب في ذلك يرجع إلى أن "الظلام كان يحول مخاوفه إلى أشكال أسطورية خرافية مرعبة تجعله يقفز من الفراش في فزع، وكان الظلام يجعله يتصور أن الأشباح تعيش في قاع الترعة وأنها تخبط الماء بقوة في الليل وهي في طريقها إليه".
وبعد أن تمت محاكمة سليمان خاطر عسكريا، صدر الحكم عليه في 28 ديسمبر عام 1985 بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 25 عاماً، وتم ترحيله إلى السجن الحربي بمدينة نصر بالقاهرة.
وبعد أن صدر الحكم على خاطر نقل إلى السجن ومنه إلى مستشفي السجن بدعوى معالجته من البلهارسيا، وهناك وفي اليوم التاسع لحبسه، وتحديداً في 7 يناير 1986 أعلنت الإذاعة ونشرت الصحف خبر انتحار الجندي سليمان خاطر في ظروف غامضة!!
يحكي سليمان خاطر ما حدث يوم 5 أكتوبر 1985 من خلال أقواله في محضر التحقيق فيقول:
"كنت على نقطة مرتفعة من الأرض ، وأنا ماسك الخدمة ومعايا السلاح شفت مجموعة من الأجانب ستات وعيال وتقريبا راجل وكانوا طالعين لابسين مايوهات منها بكيني ومنها عريان . فقلت لهم "ستوب نو باسينج" بالانجليزية .. ماوقفوش خالص وعدوا (تجاوزوا) الكشك، وأنا راجل واقف في خدمتي وأؤدي واجبي وفيه أجهزة ومعدات ما يصحش حد يشوفها والجبل من أصله ممنوع أي حد يطلع عليه سواء مصري أو أجنبي..دي منطقة ممنوعة وممنوع أي حد يتواجد فيها، وده أمر وإلا يبقي خلاص نسيب الحدود فاضية ، وكل اللي تورينا جسمها نعديها .. (وذلك في إشارة منه إلى حادثة كانت مازالت حديثة حين استطاعت امرأة صهيونية أن تتحايل بالعري على أحد الجنود في سيناء ، وتحصل منه على تردد أجهزة الإشارة الخاصة بالأمن المركزي هناك بعد أن أدخلها الشاليه المخصص للوحدة).
وقبل أن ينطق المحقق قال لهم أخيراً .." أمال انتم قلتم ممنوع ليه ..قولوا لنا نسيبهم وإحنا نسيبهم" .
سأله المحقق:
لماذا يا سليمان تصر على تعمير سلاحك؟
قال: لأن اللي يحب سلاحه يحب وطنه ودي حاجة معروفة واللي يهمل سلاحه يهمل وطنه.
- بماذا تبرر حفظ رقم سلاحك؟
- لأني بحبه زى كلمة مصر تمام.
وفي رواية أخرى للواقعة أنه في خلال أداء أحد الجنود لخدمته العسكرية في عام 1985 في طابا بعد تحريرها، وفي أحد الأيام كان يؤدي الصلاة، عندما مرت بجانبه حافلة تقل عدداً من الإسرائيليين، فنزلوا بجواره وبدأوا يسخرون من طريقته في أداء الصلاة، وأراد بعضهم الدخول للحدود المصرية عنوة، ولكنه أبي فما كان منهم إلا أن سبوا مصر وبصقوا على العلم المصري، فقام سليمان خاطر بإطلاق نيرانه نحوهم فقتل سبعة منهم.
من السجن يعلمنا خاطر معني حب مصر .. ففي رسالة له كتب أنه عندما سأله أحد السجناء "بتفكر في إيه"؟ قال: أفكر في مصر أمي، أتصور أنها امرأة طيبة مثل أمي تتعب وتعمل مثلها، وأقولها يا أمي أنا واحد من أبنائك المخلصين ..من ترابك ..ودمي من نيلك.. وحين أبكي أتصورها تجلس بجانبي مثل أمي في البيت في كل أجازة تأخذ رأسي في صدرها الحنون، وتقولي ما تبكيش يا سليمان أنت فعلت كل ما كنت أن انتظر منك يا بني".
وفي المحكمة قال سليمان خاطر "أنا لا اخشي الموت ولا أرهبه ..إنه قضاء الله وقدره، لكنني أخشي أن يكون للحكم الذي سوف يصدر ضدي آثار سيئة على زملائي ، تصيبهم بالخوف وتقتل فيهم وطنيتهم" .
وعندما صدر الحكم بحبسه 25 عاماً من الأشغال الشاقة المؤبدة قال .. "إن هذا الحكم هو حكم ضد مصر، لأني جندي مصري أدى واجبه" .. ثم التفت إلى الجنود الذين يحرسونه قائلاً "روحوا واحرسوا سينا .. سليمان مش عايز حراسة" .
وجاء في تقرير الطب الشرعي أن سليمان خاطر قد انتحر، إلا أن أخاه قال: لقد ربيت أخي جيداً وأعرف مدي إيمانه وتدينه، إنه لا يمكن أن يكون قد شنق نفسه .. لقد قتلوه في سجنه.
وقالت الصحف القومية المصرية إن سليمان خاطر انتحر بأن شنق نفسه على نافذة ترتفع عن الأرض بثلاثة أمتار .
ويقول من شاهدوا الجثة إن الانتحار ليس هو الاحتمال الوحيد ، وأن الجثة كان بها آثار خنق بآلة تشبه السلك الرفيع على الرقبة ، وكدمات على الساق تشبه آثار جرجرة أو ضرب.
وقال البيان الرسمي إن الانتحار تم بمشمع الفراش ، ثم قالت مجلة المصور إن الانتحار تم بملاءة السرير ، وقال الطب الشرعي إن الانتحار تم بقطعة قماش.
وقيل أيضاً إنه قبل قتله زاره وفد إسرائيلي بدعوى إجراء لقاء صحفي معه وأنهم هم الذين قتلوه ليشاع بعد ذلك خبر انتحاره رغم أنه حسب ما روت والدته بأنه كان في حالة معنوية عالية وبأنه طلب منا إحضار كتبه الجامعية للمذاكرة حتى يستعد لإختبارات نهاية العام حيث كان يدرس الحقوق بجامعة الزقازيق بطريقة الانتساب الموجه.
وأمام كل ما قيل، تقدمت أسرته بطلب لإعادة تشريح الجثة عن طريق لجنة مستقلة لمعرفة سبب الوفاة، وتم رفض الطلب مما زاد الشكوك وأصبح القتل سيناريو أقرب من الانتحار.
وما أن شاع خبر موت سليمان خاطر حتى خرجت المظاهرات التي تندد بقتله في جامعات القاهرة وعين شمس و الأزهر وحتى طلاب المدارس الثانوية.
وفي مشهد آخر في مكان ما، تسلم الإسرائيليون تعويضاً عن قتلاهم من الحكومة الرشيدة التي قالت عنها أم خاطر " ابني اتقتل عشان ترضى عنهم أمريكا وإسرائيل" .. فيما عرضت إسرائيل فيلم روح شاكيد الذي توثق فيه دون خوف من عقاب قتلها لأسرى مصر في حرب 1967 ولم تحرك الدبلوماسية المصرية ساكنا ولم تطالب بأي تعويض!!.
ان تذكرنا لسليمان خاطر في مثل هذا اليوم هو أقل ما يجب عمله تجاه هذا الرجل لعل ذكراه تحيي فينا الأمل من جديد بمصر أفضل تحفظ كرامة أبناءها ويحترمها الجميع ويقدرها حق قدرها
فهل نعيش حتى ذلك اليوم؟